تاريخ وجذور الكسكس المغربي (السْكْسُو): رحلة لاكتشاف أحد أشهر الأطباق في المغرب

 

تاريخ وجذور الكسكس المغربي (السْكْسُو): رحلة لاكتشاف أحد أشهر الأطباق في المغرب



مقدمة

الكسكس، الطبق المغربي الشهير، يعتبر من أبرز الأطباق الوطنية في المغرب، فهو يحتل مكانة لا تنافس في عادات الطعام المغربية. فمن النادر جدًا أن تتحدث عن المأكولات المغربية دون الإشارة إلى الكسكس. يبدو أن هذا الطبق الشهير قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الغذائية للمغرب. فلا تمر مائدة المغاربة، بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو الثقافية، دون تذوق هذا الطبق الشهير على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، خاصة في يوم الجمعة. على الرغم من التغيرات التي طرأت على عادات تناول الطعام للمغاربة، والتي جاءت نتيجة لوتيرة الحياة السريعة وزيادة اعتمادهم على تناول الطعام خارج المنزل، فإن الكسكس لم يفقد مكانته البارزة وسط تفضيلاتهم الغذائية.

أصول الكسكس المغربي

أصول الكسكس المغربي يُعَرَف طبق الكسكس منذ العصور الوسطى على الأقل، وتعود أصوله إلى فترة تاريخية قديمة، إذ يعتبر أحد الأطباق الأمازيغية الأصيلة. يشير ابن خلدون في كتاباته إلى أن "البربر"، عندما سُئلوا عن هويتهم بعد الفتح الإسلامي للمغرب، أجابوا: "نحن قوم نحلق الرؤوس ونلبس البرنوس ونأكل الكسكوس"، وهذه العناصر الثلاثة المحددة للهوية وردت في أوصاف الرحالة الذين زاروا المغرب خلال مختلف العصور.
وكما أن أصل الأكلة أمازيغي فإن أصل الكلمة يعود إلى هذا الأصل أيضًا، حيث تُسمَّى أيضًا بـ "ؤسكسو"، "سكسو"، "وفتي"، "أرْواي"، "أدنبو"، و"اشينك". وتُعَرَّف الكلمة ببعض الألقاب الشائعة مثل "ؤتشي" و"ؤتشو"، معناها "الطعام"، لأنها الطعام القومي الأمازيغي. ومن هذه الكلمة تشتق أفعال وأسماء مثل "ئكسكس" و"ئسكسو"، بمعنى صنع الكسكس، وكلمة "الكسكاس"، وهو الإناء الذي ينضج فيه الكسكس بواسطة بخار القدر. وتُسميه بعض الجهات في المغرب بـ "الطعام" و"الفار" و"فور"، أي إعداد الكسكس، ومنها المثل المغربي الشائع "والله ما قفلتي لا فورتي".
ومن الكتب التي تحدثت عن الكسكسو في القرن الثالث عشر الميلادي/السابع الهجري كتاب الطبيخ في المغرب والأندلس المعروف بـ "فضالة الخوان في طيبات الطعام والألوان" لصاحبه ابن رزين التجيبي الأندلسي. وقد أورد في الفصل الخامس من الكتاب تحت عنوان "مما يسقى سقي الثرايد أو يطبخ طبخ الأحساء" كيفية إعداد الكسكسو، ووصفها بالتفصيل، بما في ذلك المكونات وطريقة الطهي. كما تحدث عن أنواع أخرى من الكسكسو بالجوزي، ونوع آخر من غير سقي، وأنواع ثالثة سماها الكسكسو بالبيسار.
بالتأكيد، هناك العديد من المصادر التي تشير إلى أصول الكسكس المغربي وتوثق تطوره عبر الزمن. يشير البعض إلى أن الكسكس كان يُصنع بشكل يدوي تقليدي في المناطق الريفية من المغرب، حيث كان يتم استخدام طرق تقليدية لطحن الدقيق وتشكيل العجينة باليد، وكذلك طهيه فوق البخار.
مع تقدم التكنولوجيا وتطور الصناعة الغذائية، بدأت عمليات صناعة الكسكس تتطور، مع استخدام معدات حديثة لطحن الدقيق وتشكيل العجينة. كما تحسنت طرق الطهي وأصبحت أكثر كفاءة وسهولة.
تعتبر بعض المدن المغربية، مثل فاس ومراكش ورباط، مراكزًا رئيسية لتصنيع الكسكس، حيث يتم إنتاج كميات كبيرة منه سنويًا لتلبية الطلب المحلي والعالمي على هذا الطبق الشهير.
من المهم أيضًا أن نذكر أن الكسكس ليس فقط طبقًا شعبيًا في المغرب، بل أصبح جزءًا من الثقافة الغذائية في العديد من البلدان العربية والإفريقية، حيث يتم استخدام مكونات محلية متاحة لتحضيره بأساليب مختلفة تناسب تقاليد كل منطقة.
باختصار، يمثل الكسكس المغربي تراثا غذائيا غنيا ومتنوعا، وقد تطورت عمليات إنتاجه وتحضيره عبر الزمن، لكنه لا يزال يحتفظ بمكانته البارزة كطبق شهير في المطبخ المغربي والعربي.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الكسكس المغربي أحد الأطباق الرئيسية في المناسبات الاجتماعية والعائلية، حيث يتم تقديمه في الاحتفالات والأعياد كطبق رئيسي يُشارك فيه الأصدقاء والعائلة معًا.
تشتهر المطاعم المغربية في مختلف أنحاء العالم بتقديم الكسكس كجزء من قائمتها، مما يعكس شهرته العالمية وطلبه العالي.
لا يُقدر الكسكس المغربي فقط كطبق لذيذ، بل يُعتبر أيضًا غنيًا بالعناصر الغذائية الهامة مثل البروتينات والكربوهيدرات والألياف، مما يجعله اختيارًا مثاليًا لتلبية احتياجات التغذية اليومية.
في النهاية، يظل الكسكس المغربي عنصرًا مهمًا في الهوية الثقافية للمغرب وجزءًا لا يتجزأ من تراثه الغذائي الغني، ويعكس تاريخًا وثقافة متنوعة ومترابطة عبر العصور.

هل يُعتبر الكسكس أكلة مغربية خالصة؟ 

على الرغم من انتشار أكلة الكسكس في دول المغرب العربي، إلا أنها تحمل صفة خاصة بالمغرب والمغاربة بشكل خاص. فالمغاربة قد منحوا الكسكس شهرة واسعة على المستوى العالمي، مما جعله يصبح علامة اجتماعية لصمودهم في ذهن العالم. على سبيل المثال، عندما يتحدث الناس عن الكسكس، يتبادر إلى أذهانهم فورًا المغرب والمغاربة، نظرًا للمهارة والإبداع التي تظهر في طريقة إعداده وتقديمه.
وبالرغم من أن الكسكس متواجد في مائدة الطعام المغربية في الأيام العادية، خاصة يوم الجمعة، وفي المناسبات الدينية والاجتماعية، ويُعتبر من أهم الأطباق، إذ لا يُضاهى في هذا الشأن إلا ربما بالطاجين، فإن ارتباط المغرب والمغاربة بهذا الطبق جعله رمزًا لكرمهم ووفائهم. وهو أيضًا رمزًا من الرموز الكثيرة للطهي المغربي.
فمن الواضح أن وصف الكسكس بالمغربي لا يتعارض مع كونه طبقًا مغربيًا، إذ يُمكن التحدث عن الكسكس الجزائري والتونسي والموريتاني والليبي، ولكن يبقى الكسكس المغربي مميزًا بطريقة إعداده وتقديمه وتقاليده وطقوسه. فارتباط المغرب والمغاربة بالكسكس جعلهم يتحدثون عنه بفخر كبير، مما دفعهم للعمل بملف مشترك مع الجزائر وتونس وموريتانيا لتسجيل مهارات وخبرات وممارسات إنتاج واستهلاك الكسكس في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. وقد تم تسجيله بشكل مشترك في ديسمبر 2020، وسجلت المغرب أيضًا في قائمة لجنة التراث في العالم الإسلامي التابعة للإسيسكو المهارات والعادات المرتبطة بالكسكس المغربي.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر وجود الكسكس في المائدة المغربية تعزيزًا للهوية الثقافية للمغرب وتعددية تقاليده، حيث يعكس تاريخًا غنيًا وتنوعًا ثقافيًا. كما أن الكسكس يعتبر عنصرًا مهمًا في تعزيز التضامن الاجتماعي والتفاعل الثقافي بين أفراد المجتمع المغربي.
علاوة على ذلك، يُعتبر الكسكس جزءًا لا يتجزأ من التراث الغذائي للمغرب، ويتمتع بمكانة خاصة في قلوب الناس، حيث يُعتبر رمزًا للتقاليد العائلية والاجتماعية. إن وجود الكسكس في المناسبات الاجتماعية يجسد الروح الجماعية والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع المغربي.
في الختام، يمكن القول بأن الكسكس المغربي لا يُعتبر مجرد طبق غذائي، بل هو جزء من الهوية الثقافية والتراث الغني للمغرب، ورمز للتفاعل الثقافي والتضامن الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع.

أنواع الكسكس التي يعدها المغاربة

تتنوع أنواع الكسكس التي يعدها المغاربة بحسب الجهات والطبقات الاجتماعية، سواءً في مكوناتها أو في طرق التحضير والطبخ والتقديم. تشمل هذه الأنواع الكسكس البسيط المصنوع من السميد والماء والقليل من الزيت أو الشحم والبصل والملح، حيث يتكون من خليط خشن يُعرف عند النساء في البادية المغربية بـ "الحمرة" أو بالأمازيغية "أحلحول". وكان هذا النوع منتشراً بشكل أساسي في الأوساط الفقيرة وتختلف مسمياته باختلاف الجهات.
ومن الأنواع الأخرى الشهية والغنية بالتوابل هو الكسكس المعروف بـ "كسكسو بسبع خضاري"، الذي يُعد من سميد القمح الصلب واللحم والخضراوات والسمن. كما يوجد النوع المعروف بـ "التفاية" الذي يتم إعداده من السميد والبصل والزبيب المعسل والحمص ولحم الغنم.
وتشمل الأصناف الأخرى من الكسكس النوع المعروف بالأمازيغية "باداز" أو "أباداز" الذي يتم تحضيره من سميدة الذرة، بالإضافة إلى "سيكوك" أو "أزيكوك" الذي يُعد من سميدة القمح الصلب أو الشعير أو الذرة ويُطهى بالبخار.
أما فيما يتعلق بطرق التحضير، فتتميز بالاعتماد على بخار الماء المعروف بالدارجة المغربية "لْفار"، وتُعتبر أجود أنواع الكسكس هي تلك التي يتم طهيها مرات عدة بالبخار.
هناك أيضًا ما يُعرف بـ "سيكوك" أو "أزيكوك"، وهو نوع آخر من الكسكس، يتم إعداده بنفس الطريقة ولكنه لا يؤكل ساخنًا، بل يُنقع ويُغمر في اللبن الحامض (اللبن المخيض). وكان هذا النوع شائعًا في المناطق البادية خلال فصل الصيف، حيث كان الغذاء الرئيسي للعمال في الحقول.
ومن الأنواع الأخرى تحضيرًا "بركوش" أو "أبركوكش"، وهو الكسكس الغليظ الحب، حيث تكون حباته أكبر من حبات الكسكس العادي، ويُعد بالحليب ويُؤكل ساخنًا ويُغمر بالزبدة المذابة.
أيضًا يُذكر "السفة"، وهو الكسكس المدهون بالزبد، حيث يعتمد في تحضيره على القمح الصلب، ويُقدم مزينًا بمسحوق السكر والقرفة.
في النهاية، يُلاحظ أن طريقة تحضير الكسكس تعتمد أساسًا على بخار الماء المعروف بالدارجة المغربية "لْفار"، وتُعتبر الأنواع الأجود هي تلك التي يتم طهيها بالبخار عدة مرات.

طريقة عمل الكسكس المغربي

المكوّنات

1. 1/2 كيلوغرام كسكس
2. 1/2 كيلوغرام دجاج، مغسول و مصفى
3. 6 جزر، مقشر و مقطع بالطول
4. 5 لفت
5. 5 قرع، أخضر
6. 3 قرع، أحمر
7. 1 ملفوف (كرنب)، متوسطة الحجم مقطعة إلى أربع قطع
8. 3 بطاطا
9. 2 طماطم
10. 1 باذنجان، حسب الذوق
11. 1 بصلة، مقطعة قطع صغيرة
12. 2 كوب حمص، منقوع من ليلة سابقة
13. 1 باقة كزبرة
14. 1 باقة بقدونس
15. 1/2 ملعقة صغيره فلفل أسود
16. 1/2 ملعقة صغيره كركم
17. 1/2 ملعقة صغيره زنجبيل
18. رشة قرفة
19. 1/4 ملعقة صغيره كمون
20. 1/2 ملعقة صغيره سمن، حر (او مكعب مذاق للسمن )

الخطوات

1 - يوضع البصل بقدر مع الدجاج، يضاف لهما القليل الزيت، الملح والفلفل الاسود، بعد أن يستوي البصل يضاف الحمص المنقوع ولتران ماء وبقية المقادير، فلفل الاسود، الكركم، الزنجبيل، القرفة، الكمون والملح.
2 - يدهن الكسكس بالزيت والقليل من الماء المملح ويفرك بالكفين لكي لا تلتصق حبات الكسكس، يوضع في مصفاة خاصة بالبخار
3 - وتوضع المصفاة فوق القدر ليتبخر الكسكس.
4 - يوضع في القدراللفت والجزر أولا إلى اي يبدأ بالاستواء يضاف القرع الاخضر والبطاطا، بعدها بوقت قليل يضاف الملفوف والبذنجان المقشر والمقطع إلى نصفان.
5 - يؤخذ المصفاة التي بها الكسكس وتوضع بصحن كبير (أو قصرية بالمغرب) تدهن مرة ثانيه بنص كوب من الزيت ونصف كوب من الماء المملح ويفرك بهدوء مرة ثانيه بالكفين إلى ان تتفرق حبات الكسكس (انتبهوا للحرارة). بعد ذلك ترجع للمصفاة وتوضع فوق القدر ليتبخر مرة ثانية.
6 - أخيرا يضاف إلى القدر القرع الأحمر وباقة الكزبرة، البقدونس والطماطم المقطعة إلى نصفان والقليل من السمن.


تعليقات